سند الرماية عند آل أحمر

آل أحمر

سند الرماية عند آل أحمر

من عجيب أمر الإسناد في ثقافة الأمة الإسلامية، أنهم أسندوا الصنائع إلى أهلها، فيروي المتعلم عن معلمه وهكذا، وأسندوا التصوف والأخذ بالطريق، وأسندوا الكتب في جميع العلوم، بل وفن الموسيقى، بل حتى فن الرماية لهم فيه إسناد، ولسادات احمر يد طولى وقدح معلى فيه، فهم أرباب الرماية وأهل الفروسية، وقد شاع هذا فيهم واعترف لهم الملوك بالحذق فيه ، فكانت ترسل إليهم الجيوش للتدرب على ركوب الخيل وحمل السلاح، وأول من بعث جنده إلى هذه البقعة المباركة هو السلطان المظفر المولى إسماعيل بن الشريف العلوي، وكانت سكنى احمر يومئذ ب "قبب عريض" أو " عين عريض" شمال بحيرة زيمة. يتصل سند الرماية عند آل أحمر عن طريق السيدين سيدي علي وسيدي سعيد ابنا محمد بن ناصر الحمري، عن شيخهم سيدي أحمد بن موسى ثم يرفعونه إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه رحمة:" إرم يا سعد وروح القدس معك". وأخذ الرماية السيد محمد بن أحمد بن زعيم عن سيدي محمد بن موسى الخلاط صاحب الشرح على قصيدة الفكيكي في الصيد الموسومة ب" تقييد الشريد وتوصيد الوبيد" ، وقد زار الخلاط قبيلة أحمر وتتلمذ على شيوخها، ولقي الشيخ سيدي علي الزركي الذوبلالي وكان يستفيد منه طرق صيد الوحش وساعات اقتناصه، ذكر الكانوني لقاءه به بأحد أسواق القبيلة...، ثم يتصل سنده بابني ناصر الحمري، ثم يرتفع إلى سعد بن أبي وقاص. وتعقب الشيخ المختار السوسي هذا الإسناد لانقطاعه واعضاله، ولكن العبرة بهم الإسناد في الأمة الإسلامية، وهذا لا يقطع بعدم وجود إسناد متصل، وقد فتش الشيخ أبو شعيب الدكالي عن سند في الرماية عند المغاربة فلم يظفر بشيء ، وهذا ما استدعى تلميذه المؤرخ السيد المختار السوسي أن ينقب عن الرسائل والكتب السوسية في الرماية، ومع ذلك خرج صفر اليدين من وجود سند متصل معتبر، إلا أنه ظفر بمعلومات عن الأسانيد القريبة وأرباب الفن في قبائل سوس والحوز، ثم في خاتم البحث والتعليق: " وللرماية في قبائل الحوز أيام معلومة يجتمعون تحت أنظار مقدميهم فيتبارون في الرمي واصابة الأعراض، فيقمون لذلك الحفلات، ثم لما نزعت الحكومة- بعد الاحتلال- البنادق من الناس ومنعتهم من مداولة البارود، لم يبق إلا تلك الاحتفالات الطعامية السنوية، وخذه الاحتفالات كثيرة في سفوح درن إلى الآن، وربما كانت أمثالها في سوس، ة في تيمولاي بإفران تقام حفلة سنوية للرماة إلى الآن، ويجري مثلها في فاس، وفي الرباط في الأعياد قبل هذا العهد"، (خلال جزولة، المختار السوسي. ج2/ 41. وظلت قبائل أحمر محافظة على ركوب الخيل واللعب بالبارود في المواسم والمحافل، وحتى في المناسبات والنزهات السنوية، بعد الحصاد...، ولكن مع توالي سنوات الجفاف وخاصة سنة 1981 م قلّت الخيل عندهم، ولم يبق عندهم علف لها، وماتت مواشيهم، فتخلى العديد منهم عن الخيل مكتفيا بحضور المواسم ومشاهدة السربات ولعب الفرسان...، ومن تلك الفرق المندثر جراء هذا الجفاف سربة الباشتى من المصابيح الطالعة بقبيلة أحمر، والله الأمر من قبل ومن بعد.