اللقالق: في لبنان يطاردونها.. وفي مراكش يدلّلونها

سنة تلو أخرى، يشهد لبنان مجزرة طيور اللقلاق، التي تعبر سماء بلدنا في هجرتها الموسمية، ربيعا وخريفا، فيتبارى الصيادون سهلاً، جبلا وساحلاً على اصطيادها، لا لفائدة (لا يؤكل لحمها) سوى قتلها للذة القتل، فتسقط مئات الطيور العابرة سماءنا ببنادق اللبنانيين، على الرغم من القوانين الدولية، التي تحرّم اصطياد هذه الطيور المحمية دولياً، كونها مهدّدة بالانقراض. في مختلف مدن أوروبا الواقعة على طريق هجرة هذه الطيور الرائعة، تقوم السلطات المحلية بمحاولة اجتذابها عبر بناء أعشاش لها في أعالى المباني العامة، بينها الكنائس. وكثيراً ما نرى العديد منها تستقر في تلك المدن وتتكاثر فيها، فيتوافد الناس لمشاهدتها بالمئات وربما بالآلاف، وهذا أمر اعتدناه. المدهش أنّ بلداً عربياً، هو المغرب يُعتبر من الممرات الأكثر أماناً لهجرة تلك الطيور. فخلال زيارتي الأخيرة لمراكش، فوجئتُ بأنّ أسلاك المدينة لا تكتفي لحماية تلك الطيور، ومنع صيدها قانونا، بل أكثر من ذلك، فقد حولت معالم أثرية وسياحية عدّة إلى نقاط استقرار لها. من هنا، شهدت مراكش استقرار المئات منها طوال السنة حيث نراها تحلق في السماء، وتتكاثر وسط إعجاب الناس من أهلها وزائريها.. ومن بين نقاط استقرار طيور اللقلاق، قصر ملكي أثري في قلب مراكش القديمة، هو "قصر البديع" الذي يعدّ من روائع الهندسة بالمغرب، بناه السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي (1603-1578) بعد أشهر من توليه الحكم وانتصاره الباهر على البرتغاليين في معركة وادي المخازن العام 1578م. اختار أحمد المنصور الزاوية الشمالية-الشرقية لبناء هذا القصر الذي يخصص لإقامة الحفلات وتنظيم الاستقبالات الرسمية، وانطلقت الأشغال به العام 1578، واستمرت من دون انقطاع 16 سنة، وبنت سلطات المدينة فوق أسواره وقببه أعشاشاً ضخمة مخصصة لطيور اللقلاق، فاستقرت على مر السنين فيها، وتجازوت أعدادها المئات التي تحلق في سمائها، فوق شوارعها وأزقتها، وبين بيوتها وسط إعجاب أبناء المدينة والسياح على السواء. والسؤال: متى نشهد في لبنان مبادرات شبيهة، فيأتي يوم نرى طيور اللقلاق معشعشة على أسوار القلاع من طرابلس الى جبيل وصيدا، وصولا إلى بعلبك، والقصور من السرايا الحكومية في بيروت إلى بيت الدين؟ حرر بتاريخ 15/05/2017