حرفة العرفون والعرفات بمدينة فاس

حرفة العرفون والعرفات بمدينة فاس

ينقسم العرفون حسب الحسن الوزان إلى ثلاث مجموعات: الأولى: تتألف من عرافين يمارسون فن الضرب بالرمل، وذلك برسم أشكال فيه، ويتقاضون عن كل رسم قدر الاستطاعة حسب موارد الشخص، وطبقا للعادة. الثانية: وهي مجموعة العرافين الذين يسكبون الماء في قصعة مطلية بالدهان ويسقطون في هذا الماء قطرة زيت. وبعد أن تصبح هذه شفافة يقول العرافون أنهم رأوا فيها، كما يرون في المرآة، عصابات من الشياطين قادمة بعضها خلف بعض، كأنها كتائب جيش تعسكر وتضرب خيامها. ويأتي بعض هذه الشياطين عن طريق البحر، والبعض الآخر عن طريق البر. وعندما يرى العراف أنهم استراحوا يطلب منهم أشياء يود معرفتها، فيجيبه الشياطين بإشارات يؤمنون بها باليد أو العين. فما أشد غباء الذين يعتقدون في مثل هذه الخرافات. ويضع هؤلاء العرافون القصعة أحيانا بين يدي ولد عمره ثمانية أو تسعة أعوام، ويسألون فيما إذا رأى الشيطان الفلاني أو غيره ويجيبهم الطفل الساذج"نعم" ولكنهم يتكلم وحده. وللكثير من السفهاء ثقة بهؤلاء العرافين تجعلهم ينفقون عندهم بدرات أموالهم. الفئة الثالثة: تتكون تتكون من نسوة يدخلن في روع العوام، أنهم يرتبطن بصداقة مع بعض الشياطين من أصناف مختلفة، فيسميه بعضهم الشياطين الحمر، والآخرين الشياطين البيض، وعندما يسألن عن التنبؤ عن أي شيء كان يتعطرن بعطور مختلفة الروائح، وسرعان ما يغيرن أصواتهن كي يجعلن المستمع يتصور بأن الشيطان يتكلم بصوته ذاته. والشخص الذي يقصدهن لمعرفة أمر يرغب فيه، سواء أكان رجلا أم امرأة، إنما يطلب من الروح بامتثال كبير وتواضع. وعندما يحصل على الجواب المطلوب يترك هدية للشيطان وينطلق لشانه. ولكن الناس الذين يجمعون إلى جانب الشرف بعض الثقافة والخبرة في أمور الحياة يسمون تلك النسوة السحاقات. وغي الحقيقة إنهن يتصفن بتلك العادة الملعونة لأنهم يستعملن المساحقة بعضهم مع بعض، وهذا ما أعجز عن التعبير عنه بعبارة أكثر حشمة. وإذا وجدت امرأة جميلة بين اللواتي يأتين لاستشارتهن، فإنهن يتولعن بها، كما يعشق شاب فتاة فاتنة، ويطلبن منها –متظاهرات بأن الشيطان هو الذي يتكلم- أن تقبلها العرافة قبلة عميقة في مقابل هذه الاستشارة. والمرأة التي تقبل أن تدخل السرور لنفس الشيطان تقبل ذلك غالبا. ويطلب من النساء اللواتي ينشرحن لهذه الممارسة من العرافات الدخول في حرفتهن. فيصطنعن المرض ويستدعين إحداهن، وغالبا ما يقوم الزوج المخبول بهذه المهمة. وهنا تفصح المرأة عن رغبتها للعرافة، التي تقول حينئذ للزوج بأن شيطانا تسلل إلى جسد زوجته، وإذا كان يحرص على صحة زوجته فما عليه إلى أن يسمح لها بأن تنسب إلى حرفة العرافات، وأن تعمل معهن بحرية، ويصدق الزوج "الثور" ذلك ويرتضيه، وإمعانا في حمقه يصنع وليمة فخمة لكل المحترفات في هذه المهنة. وبعد تناول الطعام تندفع كل واحدة منهن إلى الرقص ويحتفلن بذلك على أنغام جوقة من الزنوج، وبعدئذ يترك الرجل زوجته لتفعل ما تشاء. ولكن هناك بعض الأزواج الذين يقومون بطرد الأرواح من نسائهن على قرع ضربات العصي الشديدة. وقد يتظاهر بغضهن بأن فيه هو نفسه مسا من الشيطان فيستولي على العرافة مثلما سبق لها أن استولت على زوجته.